نقش بيستون: شهادة خالدة على عظمة الإمبراطورية الأخمينية

مقدمة

يقع نقش بيستون (بالفارسية: سنگ‌نوشته بیستون) على سفح جبل بيستون، على بُعد حوالي 30 كيلومترًا شرق مدينة كرمانشاه في غرب إيران. يُعتبر هذا النقش أكبر نقش حجري في العالم وأحد أهم الوثائق التاريخية التي خلفها الملك داريوس الأول من الأسرة الأخمينية. في عام 2006، تم تسجيل موقع بيستون ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، مما يعكس أهميته التاريخية والثقافية.

الموقع والأهمية الجغرافية

يقع جبل بيستون على الطريق التاريخي الذي كان يربط بين الهضبة الإيرانية وبلاد ما بين النهرين، مما جعله موقعًا استراتيجيًا في العصور القديمة. اسم “بيستون” مشتق من الكلمة الفارسية القديمة “بغستان” والتي تعني “مكان الإله”، مما يشير إلى قدسية هذا الموقع في العصور القديمة.

وصف النقش

تم نحت نقش بيستون بأمر من الملك داريوس الأول حوالي عام 520 قبل الميلاد. يبلغ طول النقش حوالي 22 مترًا وارتفاعه 7.8 أمتار، ويحتوي على نصوص مكتوبة بثلاث لغات: الفارسية القديمة، الإيلامية، والأكدية، وجميعها بخط مسماري. يتألف النص من 525 سطرًا موزعة على خمسة أعمدة، ويُعتبر مصدرًا هامًا لفهم تاريخ الإمبراطورية الأخمينية واللغات القديمة.

المحتوى التاريخي

يروي النقش قصة صعود داريوس إلى العرش بعد مقتل الملك قمبيز الثاني، ويصف كيفية قمعه للثورات التي اندلعت في مختلف أنحاء الإمبراطورية. يُعتبر هذا النقش وثيقة دعائية تهدف إلى تأكيد شرعية حكم داريوس وتثبيت سلطته على العرش.

العناصر الفنية

يُظهر النقش داريوس وهو يطأ قدمه على صدر غاوماتا، المدعي الكاذب للعرش، بينما يقف خلفه صف من الأسرى المربوطين. فوق داريوس، يظهر الإله أهورا مزدا، مما يرمز إلى الدعم الإلهي لحكمه. تُظهر هذه العناصر الفنية المهارة العالية للفنانين الأخمينيين وقدرتهم على التعبير عن السلطة والشرعية من خلال الفن.

الاكتشاف والدراسة

ظل نقش بيستون مجهولًا للعالم الغربي حتى القرن التاسع عشر، عندما بدأ الباحثون الأوروبيون في دراسته. كان السير هنري رولينسون من أوائل الباحثين الذين قاموا بنسخ وترجمة النقش، مما ساهم في فك رموز الخط المسماري وتقدم علم الآشوريات.

التسجيل في قائمة التراث العالمي

في عام 2006، تم إدراج موقع بيستون ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، نظرًا لأهميته التاريخية والثقافية. يضم الموقع العديد من المعالم الأخرى، مثل تمثال هرقل، قصر خسرو، وجسر بيستون، مما يجعله وجهة سياحية وثقافية هامة في إيران.

الخاتمة

يُعتبر نقش بيستون شهادة خالدة على عظمة الإمبراطورية الأخمينية وواحدًا من أهم الوثائق التاريخية في العالم القديم. من خلال هذا النقش، يمكن للزوار والباحثين التعرف على تاريخ إيران القديم وفهم السياق السياسي والثقافي لتلك الحقبة.

دیدگاه‌ خود را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *